قال رئيس قسم التلوث الهوائي وكفاءة الطاقة بالمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة رويل هوندرز، إن المنظمة قامت قبل عشر سنوات بوضع تشريعات إلزامية تتعلق بكفاءة الطاقة والتي غطت بموجبها قطاع النقل البحري العالمي، حيث ألزمت المنظمة جميع السفن الجديدة قيد التشييد في أحواض بناء السفن بأن تكون أكثر كفاءة في أدائها.
وأوضح أنه تم تشديد هذه الضوابط على مر السنين الماضية. وفي عام 2018 أقرت المنظمة اتفاقا تاريخيا يرسم استراتيجيتنا لمكافحة الغازات الدفيئة، ويضع أمام أسطول السفن العالمي الذي يفوق عدده خمسين ألف قطعة، مستهدفات تتعلق بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
واتفق الأعضاء على خفض كثافة الكربون لدى السفن بـ 40% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2008، على أن تخفض هذه النسبة الى 50% بحلول عام 2050. وفي يونيو من هذا العام, اتفقت المنظمة على مجموعة من الضوابط الإضافية التي ستدخل حيز التنفيذ في نوفمبر من العام القادم 2022 مما سيسهم في تحقيق مستهدفاتنا لسنة 2030 عبر تحويلها الى متطلبات الزامية مفروضة على الدول الأعضاء وألا تبقى تعهدات فحسب. كما اتفق الأعضاء على أن يتم مراجعة هذه الاستراتيجية عام 2023 للتأكد من أدائنا في منتصف طريقنا نحو خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع النقل البحري.
التقنيات
وذكر أن هناك مجموعة واسعة من التقنيات والقابلة للاستخدام اليوم المستخدمة لهذا الأمر، والتي بالإمكان تطبيقها، إذ يمكن تركيبها على السفن، طبقا لحجمها ونوعها مثل حاملات النفط مثلا أو سفن حاويات البضائع.
وتابع: “التقنيات الممكن استخدامها تختلف بالنسبة للسفن الأصغر حجما التي تبحر على السواحل مقارنة بتلك الأكبر حجما والتي تبحر في المحيطات. وبالتالي لكل نوع من السفن هناك تقنيات وحلول مختلفة، تبدأ من كيفية صيانة بدن السفينة ونوع الطلاء المستخدم وتصل الى تعديلات في مروحة السفينة بهدف تحسين الديناميكية الهوائية للسفينة وبالتالي تقليص استهلاكها للطاقة”.
وأشار إلى أن هناك إجراءات كفاءة أخرى مثل، التشحيم الهوائي لجسم السفينة بغرض تخفيف الاحتكاك الى جانب تعديل سرعة الإبحار للوصول الى الميناء بالوقت الأمثل الذي يضمن للسفينة أن ترسو مباشرة في موعدها المحدد لها بدلا من الانتظار قبالة الميناء انتظارا لدخولها.
طاقة الرياح
وتابع: “كما أننا نلحظ ازدياد عدد السفن التي تقوم بتركيب طاقة الرياح على متنها, الى جانب استخدام أنواع بديلة من الوقود كالوقود العضوي والميثانول والتي تحسن من كفاءة الاستهلاك للطاقة. ونعتقد بأن تشريعات المنظمة البخرية الدولية تشجع صناعة الشحن البحري على الابتكار على هذا الصعيد وبالتالي يشجع السفن على تبني تلك الحلول”.
وذكر أن قطاع الشحن البحري سيضطر الى التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري ليتسنى له تحقيق التزاماته المرتبطة بانبعاثات الكربون.
و”نرى اليوم العديد من المبادرات والبدائل الواعدة. فعل صعيد أنواع الوقود البديلة هناك الأمونيا والهيدروجين والميثانول والغاز العضوي. حميعها حلول واعدة لإزالة الكربون من الشحن البحري”، وفقا لرويل.
وتابع: “لكن التحدي الأكبر على هذا الصعيد هو الفارق السعري الكبير ما بين وقود الزيت عالي الكبريت من جهة، ذو السعر المنخفض والمتوفر في كل مكان, وبين أنواع الوقود منخفضة الكربون من جهة أخرى. وهذا الهوة السعرية الحالية نحتاج الى ردمها”.
تسعير الكربون
وبدأ أعضاء المنظمة بمناقشات حول وضع إجراءات تشمل مثلا حدا أقصى للكربون في وقود السفن. إضافة الى احتمالية وضع آلية لتسعير الكربون، كما أنه و مع دخول أنواع وقود سفن جديدة.
وأشار إلى ان هناك حاجة للتأكد من اجمالي الانبعاثات التي يولدها الوقود خلال كامل دورته الحياتية. “فنحن اليوم نسمع المثير مثلا عن الهيدروجين، ولكن علينا أن نتاكد من أنه أخضر وليس مصنوعا من الفحم مثلا. بالتالي نعتقد بأن وضع إجراءات تعتمد على آلية السوق الى جانب تسعير الكربون سيحفز الطلب على وقود السفن منخفضة الكربون والتي تتسم اليوم بأسعار أعلى مقارنة بأنواع الوقود الثقيل”.
وتسلمت المنظمة بالفعل عددا من المقترحات في هذا الشأن من بعض أعضائنا وسيتم مناقشتها مع كامل أعضائنا لاحقا هذا العام.
وذكر أن الطريقة الأساسية التي التزمت بها معظم السفن بمتطلبات 2020 كانت من خلال استخدام زيت الوقود منخفض الكبريت.
وما ساهم في ذلك هو بقاء سعره منخفضا نسبيا خلال الأسابيع الأولى من تبني المتطلبات الجديدة خاصة في ضوء آثار جائحة كورونا . ولكن الآن ومع عودة اتساع الفارق السعري ما بين زيت الوقود الثقيل و زيت الوقود منخفض الكبريت، بدأنا نلحظ تزايد عدد السفن التي تقوم بتركيب العوادم لخفض نسبة الكبريت في انبعاثاتها. الا أنه وبسبب بعض القيود الوطنية على العوادم التي تفرضها بعض الموانىء فنعتقد بأن تبني زيت الوقود منخفض الكبريت ستكون الطريقة الأكثر رواجا للالتزام بمتطلبات imo 2020 وبشكل عام نسب الالتزام بالمتطلبات الجديدة هي نسب مرتفعة جدا وهو ما سيكون له وافر الأثر على صحة الإنسان وعلى بيئته، وفقا لرويل.
الاتحاد الأوروبي
وقام الاتحاد الأوروبي بتوسعة برنامجه لتداول حقوق الانبعاثات ليشمل الآن قطاع الشحن البحري مطلع العام المقبل 2022، فيما يقول لرويل: “قامت المنظمة باتخاذ هذا القرار عام 2016. بالتالي كان هناك وقتا كافيا لجميع المعنيين, قارب الأربع سنوات, للاستعداد للمتطلبات الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ مطلع عام 2020. وهذه الفسحة الزمنية سمحت لصناعة الشحن البحري ولمصافي التكرير للتأقلم وزيادة امدادات زيت الوقود منخفض الكبريت. ولم نلحظ الا حالات معدودة من عدم توفر الوقود منخفض الكبريت وذلك فقط في الأيام الأولى من دخول القرار حيز التنفيذ. لذا نعتقد بأن صناعة التكرير العالمية كانت جاهزة لخدمة سوق الشحن البحري ومتطلباته. وتجربتنا الناجحة هذه ستشكل لنا خبرة قيمة خلال مفاوضتنا القادمة حول اتخاذ إجراءات مناخية إضافية”.
وأوضح أن الانبعاثات الناتجة عن السفن في المياه الإقليمية قد تكون جزءا من الشحن الدولي، فهذا يعتمد على طريقة احتسابها.
“فمثلا يمكن لسفينة أن أن تبحر بين مدينتين في البلد نفسه ومن ثم تكمل مشوارها في الخطوط الدولية. لكن مستقبلا لا بد لأنواع الوقود منخفض الكربون مثل الأمونيا الخضراء والهيدروجين والميثانول أن تكون متوفرة في جميع الموانئ حتى تقدر على منافسة زيت الوقود الثقيل. وهذا شيء ضروري جدا خاصة في المراحل الأولية لدعم الطلب على هذه الأنواع من الوقود وخفض أسعارها مقارنة بالوقود الثقيل. وهنا لابد للحكومات أن تلعب دورها في الترويج لزيادة الطلب من قبل الشحن البحري في مياهها الإقليمية. خاصة وأن تلك السفن تبحر مسافات قصيرة، وهذا يجعلها أكثر مرونة في استخدام أنواع وقود بديلة مقارنة بنظيراتها الدولية”، وفقا لرويل.
والجدير بالذكر أن المنظمة البحرية الدولية قامت في نوفمبر من العام الماضي 2020 بتبني قرارا يدعو جميع الأعضاء على تقديم خطط عمل وطنية للحد من انبعاثات الشحن البحري المحلي.
المصدر: العربية.نت